يبلغ النجم الهندي شاه روخ خان الستين هذا العام وهو ليس فقط "ملك بوليوود" بلا منازع، بل أغناها على الإطلاق، كما يكتب عزاد عيسى في تحليله لميدل إيست آي. دخول خان نادي المليارديرات في أكتوبر الماضي جعله أول ممثل هندي يحقق هذا اللقب، في بلد يتزايد فيه الفقر وتتسع فيه الفجوة الطبقية بصورة غير مسبوقة منذ الاستقلال. ورغم أن وسائل الإعلام الهندية احتفت بإنجازه واعتبرته رمزًا للذكاء والإصرار، إلا أن الكاتب يرى في هذا الصعود صمتًا مريبًا وسط انهيار العدالة الاجتماعية وتصاعد الاضطهاد ضد المسلمين في الهند.

 

يشرح ميدل إيست آي أن قصة ثروة خان لا يمكن فصلها عن قصة الهند منذ نهاية الحرب الباردة، حين انفتح الاقتصاد وتقدّم القوميون الهندوس بخطاب يمزج بين السوق الحر والهوية الدينية. في تلك اللحظة ظهر شاه روخ خان كجسر بين الماضي الحمائي والمستقبل النيوليبرالي. بصفته مسلمًا في أمة هندوسية، قدّم نموذجًا مطمئنًا لـ"الهندي المسلم" الذي لا يهدد أحدًا: وطني، مستهلك، مطيع، ومسالم.

 

لعب خان في أفلامه دور الرجل العادي الذي يصعد رغم الفقر والعقبات، فأقنع جمهوره أن النجاح الفردي يكفي لمواجهة الظلم البنيوي. أما الواقع، كما يقول الكاتب، فهو أن هذه الصورة ساعدت في تسكين الألم الجماعي وتحويل الظلم الطبقي إلى مشكلة أخلاقية تخص الأفراد لا النظام. بذلك، ساهم خان في تجميل نظام اقتصادي يستبعد ملايين الفقراء ويكرّس الفوارق باسم الكفاءة والمواهب.

 

وعندما وصل ناريندرا مودي إلى الحكم عام 2014، صار الوجه الحقيقي للهند الجديدة واضحًا: قومية هندوسية تمسك بكل مفاصل الدولة، متحالفة مع كبار رجال الأعمال. في هذا السياق، صمت خان تقريبًا عن كل شيء. في 2015 تحدث باقتضاب عن "تصاعد التعصب"، فتعرض لهجوم عنيف ذكّره بموقعه الحقيقي كـ"مسلم في دولة هندوسية". عندها، يقول الكاتب، أدرك خان أن ثروته مرهونة بقدرته على التزام الصمت — صفقة فاوستية أضافت الملايين إلى رصيده.

 

واصل خان توسيع إمبراطوريته التجارية عبر شركة الإنتاج ريد تشيليز إنترتينمنت، وفريق الكريكيت كولكاتا نايت رايدرز، واستثمارات في التعليم الترفيهي وتطبيقات رقمية. أصبحت عائلته تملك حصصًا في شركات قهوة، وأحذية، وضيافة، وحتى إعادة تدوير النفايات. يضيف الكاتب أن خان يروّج لعشرات العلامات التجارية، بينها شركات مرتبطة بإسرائيل أو متهمة بدعم الاحتلال، مثل "تاتا" و"ريلاينس" و"هيونداي"، فضلًا عن "كاسترول" التابعة لشركة "بي بي" البريطانية، التي حصلت على تراخيص للتنقيب عن الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية.

 

في هذه المرحلة، لم يعد خان مجرد ممثل، بل "إمبراطورية" كاملة تغسل صورتها الخيرية ببعض المبادرات الإنسانية، في وقت يعيش فيه المسلمون في الهند أوضاعًا هي الأخطر منذ تأسيس الدولة. الكاتب يصف واقعهم اليوم بأنه أقرب إلى نظام فصل عنصري، حيث يتعرضون للقتل والحرمان من الحقوق الأساسية وسط صمت شبه تام من النخب الفنية والثقافية.

 

يؤكد عيسى أن صمت خان عن الإبادة في غزة يكمل هذا المشهد؛ فبينما اعتُقل ونُكّل بنشطاء مسلمين في الهند لمشاركتهم في وقفات تضامنية مع فلسطين، ظهر خان على السجادة الحمراء في ميت جالا بنيويورك، متجاهلًا ما يجري. الإعلام الهندي احتفى بإطلالته "التاريخية"، كما لو لم يكن العالم ينهار حوله. بعد ذلك بأسابيع، نشر تهنئة علنية لرئيس الوزراء مودي بمناسبة عيد ميلاده، مشيدًا بـ"رحلته الملهمة من مدينة صغيرة إلى المسرح العالمي"، في خطوة رأى الكاتب أنها تجسّد امتثال النجم الكامل للسلطة.

 

ثم في أكتوبر، بينما كانت غزة تلملم أشلاءها بعد وقف هش لإطلاق النار، ظهر خان مع زميليه سلمان وأمير خان في مهرجان الفرح بالسعودية، حيث احتفى الثلاثة بثروتهم وماضيهم الفني أمام جمهور من الأثرياء. كان المشهد، كما يصفه المقال، رمزًا فاضحًا لأولويات النخبة: ترف مفرط في زمن الإبادة.

 

يختتم الكاتب مقاله بأن ثروة شاه روخ خان ليست مصادفة، بل نتيجة حتمية لعالم يخلط بين الصمت والطاعة والنجاح. يقول عيسى إن خان دفع "ثمن الدخول" إلى صف المليارديرات: صمته عن الظلم مقابل بقائه في القمة. وفي زمن الانقسام والموت، لم يعد صعوده دليلاً على الإلهام، بل مرآة لعصر فقد ضميره.

 

https://www.middleeasteye.net/opinion/shah-rukh-khan-now-billionaire-what-cost